أنصح نفسي وإخواني:
أولا: بطلب العلم الشرعي بإخلاصٍ وصدق، والبدء بفروض الأعيان، ولتكن الهمّة في طلبه عالية كقِمَمِ الجبال، واعلموا أن العلم لا يُطلب لتصدر المجالس، ولا لمماراة السفهاء، ولا لمباراة العلماء، ولكن يُطلب للعمل به والدعوة إليه، واعلموا أن المعركة الفاصلة بين الإسلام والشرك، وبين الإيمان والكفر لا يمكن أن يقودها الجهال.
ثانيا: إيَّاكم والتعصب لعالمٍ أو طالبِ علمٍ أو جماعةٍ، فإنَّ الرجال يُعرفون بالحقِّ، ولا يُعرف الحقُّ بالرجال، وعليكم باتباع الجماعة الحقة وإن كانت قليلة العدد والعدة، وعليكم بالعدل والإنصاف فإنَّهما حُلَّتا الأشراف، والأشراف في هذا الزمان أقل الأصناف.
ثالثا: تحلَّوا بالأخلاق الحسنة، وتخلَّوا عن الأخلاق السيئة، وترفعوا عن سفاسف الأمور، وعالجوا القلوب من أمراض الكبر والحسد والغيبة والنميمة والكذب والطعن والتجريح بغير وجه حق والفجور في الخصومة إلى غير ذلك من المهلكات، واعلموا أنَّ أمراض القلوب أشد فتكًا من أمراض الأبدان، وعلاجها بالتوجه إلى الله، والإقلاع عن المعاصي، وكثرة الدعاء، والتقرب إلى الله بالنوافل والطاعات، وملازمة الرفقة الصالحة، والمداومة على ذكر الله، وكثرة الصلاة وخاصة قيام الليل.
رابعا: تبصَّروا بواقع أمَّتكم والأحكام الشرعية التي تتنزَّل على هذا الواقع، ولا تقلِّدوا دينكم الرجال، إن آمنوا آمنتم وإن كفروا كفرتم، واتَّبعوا الدليل الشرعي ودوروا معه حيث دار، وعليكم بفهم سلفنا الصالح من القرون الثلاثة المفضَّلة.
خامسا: حافظوا على أعماركم، واشغلوا أوقاتكم في طاعة الله ونصرة دينه، واعملوا بجدٍ واجتهاد، فإنَّ المرء بعمله: إن خيرًا فخير، وإن شرًّا فشر، وكونوا قدوة وأسوة حسنة لغيركم، وإيَّاكم أن يُؤتى الإسلام من قِبَلِكم، فإنَّكم على ثغرٍ عظيم، ولا ينبغي للحرَّاس أن يناموا أو يغفلوا أثناء الحراسة، واعلموا أنَّ الرجال لا يعرفون الراحة، وقد صدق الإمام الشافعي رحمه الله عندما قال: (راحة الرجال غفلة).
وأخيرًا؛ إن لم يكثّر الشباب الموحد راية التوحيد في هذه الفترة العصيبة فمتى يفعلونها؟! هل بعد أن تذهب أو تسقط الراية – معاذ الله -؟! وعندها يتباكون على التفريط في حقها، ألم يسمع أحدهم قول الله تعالى: {لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا} [الحديد: 10]. ألا يريد أحدهم أن يكون من السابقين الأولين، الذين ينصر الله بهم الدين، ويرفع بهم لواء التوحيد، ويجعلهم أئمة هذا الدين، ويجعل مَن بعدهم في صحائف أعمالهم، أم هم في غناء عن ثواب الله وعظيم أجره؟!
قال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ} [فاطر: 15]
وقال تعالى: {وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ} [محمد/38] وقال تعالى: {وَمَنْ جَاهَدَ فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ إِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ} [العنكبوت: 6].
واعلموا أن هذه الراية مرفوعة والدين منصور بنا أو بغيرنا، فلا تحرموا أنفسكم أن تكونوا من أهلها. أسأل الله أن يستعملنا جميعا لنصرة دينه.
الشيخ أبو الوليد المقدسي - رحمه الله
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق